بعد قرابة الـ 155 يوما من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة- وحرب المدى الطويل في الضفة الغربية وجنوب لبنان- ونتيجة للمأساة الإنسانية غير المسبوقة بالقطاع، حيث قد استشهد ما لا يقل عن 30 ألف فلسطيني حتى الآن، بجانب عملية تهجير ممنهجة شملت أكثر من 88 % من سكان القطاع. المذبحة المستمرة ومسلسل التهجير الذي لا يتوقف بجانب تصعيد الاحتلال في الضفة الغربية بزيادة وتيرة اقتحام المخيمات والتهجير بالقدس يأتي في إطار خطة أشمل يسعى الاحتلال لتنفيذها وهي نكبة جديدة.
والواقع أن النكبة الجديدة التي ينوي الاحتلال تنفيذها الآن هي تصحيح لأخطاء عام الـ 48 بنسبة لقادة إسرائيل، فالخطأ الأكبر بالنسبة للصهيونية هو عدم تهجير كل الفلسطينيين واستيطان الضفة وغزة أثناء النكبة، كما طرح الأكاديمي الإسرائيلي بيني موريس مسبقا وسماه الحل النهائي لنهضة إسرائيل وهذه ما سارعت الحكومة الإسرائيلية الحالية خطواتها تجاها منذ أكثر من عام عبر توسيع سياسة الاستيطان في الضفة ومحاولات تصفية المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل، وهذا ما أدركته فصائل المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حماس، فبين تصعيد داخلي غير مسبوق واتفاقات التطبيع التي طوقت المنطقة وكان من المتوقع أن يبدأ العام الجديد بالتطبيع مع المملكة العربية السعودية التي مثلت حتى سنوات قليلة الداعم السياسي والمالي لحماس لتتمم سلسلة التطبيع في الدول العربية لتصفية القضية الفلسطينية إقليميا ودوليا على المستوى الرسمي على الأقل، وهو التحول الجيوسياسي الكبير سيؤدي إلى تجاوز القضية الفلسطينية وترك مصير الفلسطينيين تحت تصرف حكومة نتنياهو المتطرفة، وهو السيناريو الذي أشار إليه نتنياهو نفسه في كلمته أمام الأمم المتحدة يوم 22 سبتمبر معلنا عن خريطة لشرق أوسط جديد دون فلسطين ووسط شبكة من الحلفاء.
وفي مواجهة ذلك، كان لدى الفلسطينيين خيارات محدودة لمنع تصفية القضية وحسم الصراع لصالح إسرائيل، والتصدي لمسار دمج إسرائيل في المنطقة، ومنحها وضعية قيادتها وتقرير مصيرها. والخيار الأكثر فاعلية هو المقاومة العسكرية من غزة، والتي صممت شكل المعركة الحالية كي تعطل مسارات تصفية القضية وتجاوز الفلسطينيين عبر مسارات محلية وإقليمية ودولية، لتعيد حماس والفصائل الفلسطينية الزخم للقضية الفلسطينية في ال7 من أكتوبر الماضي.
وهنا يجدر الإشارة أن حماس قد خططت لهذه اللحظة منذ ما لا يقل عن سنتين إن لم يكن أكثر، وأنها قد حسمت الأمر عقب معركة سيف القدس (حرب قطاع غزة 2021)، ففي منتصف عام 2022 شن الجيش الإسرائيلي حربا محدودة على قطاع غزة مستهدفة بذلك حركة الجهاد الإسلامي- الفصيل الأقرب لحركة حماس- وقامت باغتيال تيسير الجعبري وخالد منصور القياديين الأبرز في سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي)، ورغم الاشتراك المحدود لثلاث فصائل فلسطينية في المعركة التي لم تستمر طويلا غابت حماس تماما عن المشهد، مما جعل بعض المحللين يظنون أن حماس قد تكون انتهجت سياسة مهادنة مع الاحتلال للحفاظ على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في القطاع من الانفجار في وجهها وعدم تعليق خطط إعادة الإعمار. إلا أن الواقع قد أثبت أن سكوت حماس، ومحاولتها لاحتواء رد حركة الجهاد الإسلامي ووقف المعركة لعدم استنفاد ذخيرة المقاومة واستكمال التخطيط بهدوء ليوم الرد، ليسود الهدوء بوقف إطلاق نار مع بعض الشروط التي لم تنفذ، وكان هذا الهدوء ما يسبق العاصفة.
" الغرفة المشتركة للفصائل تمثل نواة جيش التحرير" يحيى السنوار
وفي الحديث عن التخطيط لطوفان الأقصى، لم تكن لتنجح تلك العملية لولا الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية (تشكلت الغرفة للمرة الأولى عام 2006 لتشمل الجناح العسكري لحركة حماس والجهاد الإسلامي، ثم توسعت عام 2018 لتشمل 12 فصيلا عسكريا مسلحا داخل قطاع غزة)، فبين دورها القائم على التنسيق الكامل بين الفصائل الفلسطينية لتمحي كل الفوارق الايدويولجية وتقسيم العمل الميداني بشكل تكاملي وتشكيل مركز قيادة وتحكم موحد بين فصائل المقاومة كان أولى مهماته هي مناورة الركن الشديد السنوية التي بدأتها في ديسمبر 2020 وكان آخرها قبل عملية طوفان الأقصى بأقل من شهر.
ومن خلال التدقيق في مشاهد مناورات الركن الشديد، يتبين أن قوى المقاومة تدربت بشكل مشترك على جميع السيناريوهات التي قامت بها خلال طوفان الأقصى وفي ساحة المعركة الحقيقية على مدار 4 سنوات، وتخللت المناورات التدريب على حرب المدن والتسلل إلى المستوطنات والاستيلاء عليها ونقل القوات بسرعة والاستيلاء على قواعد عسكرية وأسر مجندين والتدرب على التسلل عبر الشاطئ وتنفيذ عمليات الإنزال المائي باستخدام مختلف أنواع الألغام البحرية. بالإضافة للتطور النسبي التي مثلته مناورة الركن الشديد 3، التي نفذتها المقاومة في ديسمبر 2022 بالقرب من السياج الأمني وشكل الجزء الأساسي لهذه المناورة التدريب على مواجهة المركبات المدرعة، وخاصة دبابة الميركافا، باستخدام الصواريخ الموجهة المضادة للدروع والألغام والفخاخ المتفجرة، وقذائف ياسين المضادة للدروع، فضلا عن إجراء قتال من النقطة صفر، ثم الركن الشديد 4 التي نفذتها في 10 سبتمبر 2023 (قبل أقل من شهر من عملية طوفان الأقصى) وشملت محاكاة لاقتحام السياج الأمني والاستيلاء على مواقع عسكرية إسرائيلية بنفس الأسلوب الذي انتهجته في يوم السابع من أكتوبر.
رغم التحضير المستمر لتلك العملية طوال السنوات الماضية، ظلت ساعة الصفر لتنفيذ العملية هي السر الأكبر، وعلى الأغلب المحافظة على هذا السر حتى لحظة تنفيذ العملية هو سبب نجاحها، فقد عمد يحيى السنوار ومحمد الضيف إخفاء العملية العسكرية عن قادة المكتب السياسي لحركة حماس، ليتفاجأ خالد مشعل- رئيس حركة حماس في الخارج- ببدء العملية مثل كل العالم صباح السابع من أكتوبر، وعلى الأرجح لم يعلم أحد بشأن موعد العملية خارج غزة باستثناء صالح العاروري - نائب رئيس حركة حماس وقائد الحركة في الضفة الغربية، الذي اغتالته إسرائيل بالضاحية الجنوبية ببيروت في 2 يناير الماضي-، الأمر الذي تسبب في توتر علاقته مع حزب الله والجماعة الإسلامية في لبنان في بداية الحرب، لعدم إبلاغهم بنية حماس، ليتطور فيما بعد بتوتر بين إيران وقيادة حماس.
وهنا يجب أن أوضح أن إخفاء تفاصيل العملية العسكرية عن المكتب السياسي لحركة حماس، يقتصر غالبا على الموعد النهائي والتكتيكات والتنسيقات العسكرية، لأن القيادة العسكرية لحماس (كتائب عز الدين القسام) مستقلة عن المكتب السياسي فيما يخص القرارات الميدانية، وتقتصر مهمة القيادة السياسية على رسم الخطوط العامة فقط.1
ولكن على جانب باقي الفصائل الفلسطينية داخل قطاع غزة وخاصة أجنحتها العسكرية، يظل الوضع ضبابيا في هذه اللحظة، فرغم انخراط أغلب الفصائل الفلسطينية داخل القطاع الآن في الاشتباكات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في محاور القطاع، يظل السؤال من شارك حماس الضربة الأولى، وفي هذه اللحظة لا يوجد أي مصدر للمعلومات سوى البيانات العسكرية للفصائل نفسها، ورغم إشارة التقارير الإسرائيلية أن الرشقات الصاروخية قد انطلقت في تمام الساعة السادسة والنصف صباحا، أصدرت حركة حماس بيانها الأول للإعلان عن بداية العملية على لسان محمد الضيف- القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام- في تمام الساعة الثامنة معلنا قصف مستوطنات غلاف غزة والداخل المحتل بأكثر من 5000 صاروخ، ليتبعه أبو حمزة- الناطق العسكري باسم سرايا القدس- بإعلان مشاركة القسام في الضربات الصاروخية والمعارك بغلاف غزة.
أعلنت كلا من كتائب أبو على مصطفى (الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) وكتائب المقاومة الوطنية (الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين) وكتائب جهاد جبريل (الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة) وكتائب المجاهدين (الجناح العسكري لحركة المجاهدين الفلسطينية) وألوية صلاح الدين، بين الساعة التاسعة والنصف والثانية عشرة ظهرا- أي بعد قرابة 4 ساعات من البداية الفعلية للمعركة- اشتراكها في المعارك الدائرة في غلاف غزة التي كانت القسام وسرايا القدس قد بدأت التسلل لها منذ ساعتين على الأقل. وتابعت تلك الفصائل إصدار بيانات عن عمليتها في غلاف غزة طوال فترة سيطرة المقاومة على المستوطنات، كما أعلنت كلا من كتائب المجاهدين وألوية صلاح الدين وسرايا القدس وأبو علي مصطفى أسرهم عددا من الإسرائيليين.
بينما لم تعلن أي من الأجنحة العسكرية المنتسبة إلى حركة فتح مشاركتها في طوفان الأقصى، أعلن أبومحمد- المتحدث باسم كتائب شهداء الأقصى- في كلمة مسجلة يوم 9 أكتوبر، مشاركة الكتائب في العمليات الفدائية في الداخل المحتل ويصدر البيان العسكري الأول يوم 14 أكتوبر، في حين قد نعت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي شهيدين من مقاتلي شهداء الأقصى يوم 7 أكتوبر وتناقل الإعلام الحربي للكتائب صور لعدد من مقاتليه في المناطق المفتوحة بغلاف غزة، كما أعلنت كتائب الأقصى يوم 19 نوفمبر وأبان الهدنة عن تسليم "بعض من الأسرى لجهة الاختصاص بكل سرية ونجاح".
وفي هذه النقطة يجب الإشارة، أنه من المنطقي أن لا تشارك أي من تلك الفصائل في الضربة الأولى- الصاروخية- من طوفان الأقصى، لمحدودية ترسانتها الصاروخية مقارنة بالقسام أو سرايا القدس التي اعتمدت في الضربة الأولى على الصواريخ طويلة ومتوسطة المدى، عكس ترسانة باقي الفصائل التي تعتمد بشكل أساسي على قذائف الهاون والصواريخ السوفيتية القديمة قصيرة ومتوسطة المدى. وقد وظفت تلك الفصائل ترسانتها في استهداف تجمعات الجنود داخل وفي غلاف غزة واستهداف آليات الاحتلال بعمليات نوعية غير مسبوقة كما قامت كتائب المجاهدين باستهداف زروق حربي أمام سواحل غزة باستخدام قاذف سعير الأرضي عقب تطويره. لنصل لهذه اللحظة وهي اشتراك كل الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة في العمل العسكري ضد الهجوم البري الإسرائيلي، بجانب اشتراك أجيال جديدة في العمل المسلح لتعلن عددا من الفصائل إعادة تشكيل عدد من الوحدات والمجموعات العسكرية داخل القطاع.
يشكل سيناريو اليوم التالي لما بعد الحرب الهاجس الأكبر للإسرائيليين، خاصة القيادات العسكرية والاستخباراتية لتأكدها من عدم قدرتها على اختراق ومراقبة القطاع بالشكل الكافي، فبعد الصفعة التي تلقتها الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) والمخابرات العامة (الشاباك) بعدم تمكنهم التنبؤ بالعملية العسكرية وانشغال كل الأجهزة الأمنية والعسكرية بالجبهة الشمالية مع لبنان والضفة الغربية، يخشى الاحتلال من استمرار قيادة حركة حماس للقطاع لسببين رئيسين وهو الانتصار السياسي لمعركة طوفان الأقصى والثاني هو قدرة حماس وباقي الفصائل العسكرية على التعافي سريعا بعد الحرب والعودة أقوى مما سبق أيضا وتكرار سيناريو حزب الله والجنوب اللبناني عقب عملية الوعد الصادق التي نفذها الحزب في يوليو 2006 والتي تسببت في حرب استمرت قرابة الشهر دمرت خلالها البنية التحتية للبنان في بيروت والجنوب، كما تمت تسوية أغلب أحياء ضاحية بيروت والقرى الجنوبية بالأرض، إلا أن محصلة الحرب كانت الانتصار السياسي لحزب الله وعدم تنفيذ قرار مجلس الأمن بانسحاب مسلحي الحزب والفصائل اللبنانية إلى خلف نهر الليطاني، كما استطاع حزب الله خلال أقل من 10 سنوات تطوير ترسانته العسكرية ليكون من أقوى القوى العسكرية بالمنطقة.
يصعب التنبؤ في اللحظة الراهنة بسيناريو مستقبل غزة وفصائل المقاومة بها بعد الحرب، كما يصعب التنبؤ بموعد وطريقة نهاية الحرب إلا أن ما هو مؤكد أن القدرة العسكرية للمقاومة الفلسطينية لم تستنزف حتى الآن، كما تزال القيادة السياسية لحماس القدرة على فرض شروطها في المفاوضات الدائرة حول وقف إطلاق النار ما أدى إلى استبعاد الوسطاء مطلب إسرائيل بإبعاد قادة حماس عن قطاع غزة بسبب الرفض القاطع لحماس.
ولكن على الجانب الآخر تشير عدد من المؤشرات على قدرة المقاومة والفصائل الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة على التعافي سريعا بعد الحرب وقدرة بعض الفصائل على العودة أقوى مما سبق. فعلى المستوى السياسي تمكنت الفصائل الفلسطينية من إعادة طرح القضية الفلسطينية على المستوى الشعبي العالمي بقوة، كما تمكنت عدد من الفصائل خاصة اليسارية اعادة ترسيخ وجودها وخطابها، بشكل أعاد طرح خطاب أكثر جذرية وراديكالية بين صفوف الشباب والمثقفين عالميا، ما سيتبعه من إعادة التعامل مع فلسطين من قبل الحركات والأحزاب الثورية حول العالم كقضية تحرر وطني، بعد أعوام من طمس معالم القضية غربيا وتصوير الأمر على أنه مجرد صراع.
ولعل هذا الموضوع هو أبرز ما تعلمته حركة حماس وطبقته خلال الحرب الحالية، فبداية من بيانات الحركة وخطابات الضيف وأبو عبيدة التي تخاطب أحرار العالم وتحية دعوة الإضراب العالمي وتعزية المجند الأمريكي آرون بوشنل إلى الرؤية السياسية التي أصدرتها حماس باللغة العربية والإنجليزية في ال 21 يناير تحت عنوان (هذه رويتنا … لماذا طوفان الأقصى) تعرف فيها عن نفسها كحركة تحرر وطني وتعيد سرد القضية الفلسطينية وجذور احتلالها إلى الانتداب البريطاني وليس النكبة، كما تعيد التأكيد على صراعها مع الصهيونية والتفريق بينها وبين الديانة اليهودية وتأكيدها على رغبتها للسلام بشرط التحرر. وحققت حماس هدفين رئيسيين بنشر هذه الوثيقة وهي التأكيد على نفي الرواية الغربية المتمثلة في وصف حماس بالحركة الجهادية المتطرفة ووصف القضية الفلسطينية على أنها صراع بين دولتين، والأهم توجيه رسالة واضحة للنشطاء والكيانات اليسارية والداعمة لحركات التحرر الوطني أن هناك شعبا لا زال يقاوم لأجل التحرر وبحاجة لكل الدعم الأممي، وهذا الخطاب سيتسبب لاحقا في توجيه دعم سياسي ومالي وعسكري غاب عن القضية الفلسطينية منذ خروج الفصائل الفلسطينية من لبنان في الثمانينيات ونهاية حقبة المواجهة العسكرية مع إسرائيل، إضافة إلى غياب الفصائل الفلسطينية المنفتحة على العمل الجبهوي الواسع.
وعلي المستوى الداخلي ستمثل الخبرة المكتسبة للفصائل الفلسطينية من العملية العسكرية نقطة فاصلة في تاريخ المقاومة، فكما استطاعت حماس إعادة إحياء تجارب قديمة كالعمليات الجوية لجبهة التحرير الفلسطينية عام 1981 وعملية قبية التي نفذتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة- عام 1987 واستلهمت منها فكرة استخدام الطائرات الشراعية لاقتحام الأراضي المحتلة وتشكيل سرب صقر العسكري، إلى ديناميكية العمل المشترك بين فصائل المقاومة المختلفة على الأرض كالعمليات المشتركة بين سرايا القدس وكتائب أبو علي مصطفى وعلى صعيد الترسانة العسكرية للمقاومة بينما يظل مستقبل التمويل والمساعدات الخارجية مرهونا بطريقة نهاية الحرب وشكل سلطة القطاع ووضع الحصار. ولكن ستتمكن المقاومة من سد العجز في ترسانتها العسكرية داخليا على المدى القريب، فقد أثبتت عددا من التقارير الحديثة بجانب الفيلم الوثائقي الذي أصدرته قناة الجزيرة منذ عام عن تمكن المقاومة من إعادة استخدام القذائف والصواريخ الإسرائيلية غير المنفجرة سابقا وبالنظر إلى كمية القذائف والصواريخ المستخدمة في هذه الحرب وبكمية غير مسبوقة ستتمكن المقاومة من استخدام كمية أكثر بكثير مقارنة بالحروب السابقة ( خلفت حرب 2021 - التي لم تستمر سوى 11 يوم- أكثر من 700 صاروخ إسرائيلي غير منفجر داخل قطاع غزة) ، بجانب الأسلحة والطائرات المسيرة التي تمكنت المقاومة من السيطرة عليها من تمركزات جيش الحتلال داخل القطاع ومخلفات البناء الناتجة عن هدم أكثر من نصف منازل القطاع والذي سيمثل مصدر اساسي لخام الحديد المستخدم في تطوير الأسلحة المحلية بالنسبة للموارد المحدودة وخاصة بعد الحصار الإسرائيلي ومنع البناء سوى بتنسيق مشترك مع وكلاء الأعمار.2
في هذه اللحظة وبينما تتصاعد مباحثات إتمام صفقة تبادل للأسرى وهدنة جزئية مؤقتة خلال شهر رمضان (مع احتمالية بتصعيد القتال على الجبهة الشمالية مع لبنان والضفة)، يظل مصير نهاية الحرب في غزة متوقفا على توافق أغلب الاطراف على سيناريو اليوم التالي للحرب، خاصة ملف السلطة والسيطرة الأمنية على القطاع بعد الحرب، لأن ما ستمثله غزة بعد الحرب أكبر بكثير مما مثلته طوال العقود السابقة...
لمعرفة معلومات أكثر عن تأسيس والبناء التنظيمي لحركة حماس وكتائب عز الدين القسام انصح بقراءة كتاب الشيخ أحمد ياسين: شاهد على عصر الانتفاضة وهو تفريغ لسلسلة لقاءات الشيخ أحمد ياسين - مؤسس وزعيم حركة حماس - على قناة الجزيرة، وكتاب حماس من الداخل لمهيب النواتي.
لمعرفة تفاصيل أكثر عن عملية تطوير كتائب عز الدين القسام لتسرنتها العسكرية والتحالفات بين إسرائيل والولايات المتحدة ودول عربية من أجل نزع سلاح المقاومة في غزة انصح بمشاهدة حلقة الصفقة والسلاح من برنامج ما خفي كان أعظم.